احتفلت منظمة الخليج للاستشارات الصناعية (جويك) بإطلاق دراسة الخارطة الصناعية لدول مجلس التعاون الخليجي، التي أعدتها بتكليف من الأمانة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وذلك بناءً على اعتماد أصحاب المعالي وزراء الصناعة في دول المجلس. جرى الاحتفال تحت رعاية سعادة وزير الطاقة والصناعة في دولة قطر الدكتور محمد بن صالح السادة، وبحضور سعادة الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الأستاذ عبد الله بن جمعة الشبلي، وبحضور وكلاء وزارات الصناعة في دول مجلس التعاون الخليجي، وحشد من رجال الأعمال والاقتصاد والصناعة وذلك في فندق هيلتون في مدينة الدوحة في دولة قطر صباح الأربعاء الموافق 6 يونيو 2012.
العقيل: هدفها تحسين البنية الأساسية للصناعة
استهل الحفل بكلمة للأمين العام لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية الأستاذ عبد العزيز بن حمد العقيل أشار فيها إلى أن "ما توصلت إليه الخارطة الصناعية سيسهم بالتأكيد في تحسين البنية الأساسية لتطوير الصناعة الخليجية وتوطين الصناعات المعرفية، إذا ما اقترن بزيادة الانفاق على البحث والتطوير كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ووضع نظام وطني لتنظيم وإدارة البحث، مع إعداد دليل خليجي لمراكز البحوث والتطوير يتم فيه تصنيف تلك المراكز وفقا لمجال البحث وطريق تقديم الخدمة". وأضاف "كذلك سيكون له الأثر الإيجابي في تطوير الصناعات المعرفية إذا ترافق مع إنشاء شبكة إلكترونية لمراكز البحوث الخليجية وللباحثين، والدخول في شراكات استراتيجية بين مراكز البحوث الخليجية والمؤسسات الصناعية، إضافة إلى دعم تمويل مراكز الأبحاث من قبل المؤسسات الصناعية الخليجية".
الشبلي: المؤشرات إيجابية لكنها غير كافية
من جهته أعلن عبد الله بن جمعة الشبلي الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في كلمة ألقاها خلال الحفل، أن حجم الاستثمار التراكمي الخليجي في القطاع الصناعي تجاوز 223 مليار دولار، مما أدى إلى ارتفاع العدد الإجمالي للقوى العاملة في هذا القطاع ليصل إلى حوالي 1.261 مليون عامل وزيادة عدد المنشآت العاملة في دول المجلس إلى قرابة 14 ألف مصنع.
وأكد الشبلي أنه على الرغم من أن هذه المؤشرات الإيجابية، إلا أنها ليست كافية لتحقيق جميع طموحات دول المجلس في هذا المجال. وأكد أن التصنيع أصبح خياراً استراتيجياً لتحقيق النمو الاقتصادي في دول المجلس، الأمر الذي دفع إلى تبني دول المنطقة العديد من خطط وبرامج التنمية الصناعية التي مكنتها من تهيئة مناخ استثماري ملائم تتوافر فيه معظم مقومات نجاح الاستثمار الصناعي، ووفرت بنية تحتية متكاملة للإنتاج الصناعي. مضيفاً أن هذه المزايا والمقومات أدت إلى تعزيز القدرات التنافسية للصناعة الخليجية وإقامة العديد من الصناعات المتطورة في فترة زمنية قياسية استطاعت أن تشق طريقها نحو الأسواق العالمية.
فيلم توثيقي
ثم أطلق وزير الطاقة والصناعة في دولة قطر الدكتور محمد بن صالح السادة عبر فيلم توثيقي عرض حفل الاطلاق واستعرض أبرز ما توصلت إليه الخارطة الصناعية من نتائج حيث تضمن التشخيص القطاعي للصناعات القائمة والبنية الأساسية لتطوير الصناعة وتحديد الصناعات الغائبة والقطاعات الصناعية المستهدفة مستقبلاً في دول المجلس والتي سيستفاد منها في طرح الفرص الواعدة.
الوزير السادة: الخارطة حافز للتعاون الصناعي
وبعد إطلاقه الخارطة الصناعية تحدث وزير الطاقة والصناعة في دولة قطر الدكتور محمد بن صالح السادة مشيداً بهذا "الحدث الصناعي المهم الذي ينتظره القطاع الصناعي الحكومي والخاص"، ومعتبراً أن إطلاق "الخارطة الصناعية لدول مجلس التعاون" يشكل محطة مفصلية في مسيرة القطاع الصناعي في منطقة الخليج، في ظل التحديات العالمية التي تواجهه، والتي ينبغي عليه مواكبتها وفق خارطة طريق مدروسة وموثوقة.
ولفت السادة إلى أن إصدار "الخارطة الصناعية لدول مجلس التعاون" ينسجم مع الرؤى التي وضعتها الإستراتيجيات في دول الخليج، كونها ستشكل حافزاً للتعاون الصناعي الذي من شأنه تحديد مسار الصناعة القطرية والخليجية خصوصاً إذا ما وضعت خطة تنفيذية تسعى لتطبيق التوصيات الصادرة في الخارطة وتحويل الفرص الاستثمارية في الخليج إلى مشاريع رائدة تسهم في تحقيق التنمية الصناعية في المنطقة.
وتمنى وزير الطاقة والصناعة القطري "أن تكون نتائج "الخارطة الصناعية لدول مجلس التعاون" فرصة للتواصل بين المهتمين من الدول المشاركة، من القطاعين العام والخاص، نشدد على ضرورة تعزيز الشراكة وتوطيد التعاون بين هذين القطاعين لإقامة المشاريع الاستثمارية، مع الحرص على تبني الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات الحيوية التي أوردتها نتائج الخارطة، لا سيما في تطوير الصناعات المساندة والمصاحبة للصناعات الأساسية".
وختم بشكر "منظمة الخليج للاستشارات الصناعية على العمل المميّز الذي تم إنجازه، متمنياً أن تحقق هذه الدراسة أهدافها الإستراتيجية في الارتقاء بالصناعة الخليجية للمستويات التي تأملها حكومات وشعوب المنطقة".
نتائج الخارطة
توصلت الخارطة الصناعية التي أعدتها "جويك" إلى مجموعة نتائج من أهمها في مجال التشخيص القطاعي أن "حجم الاستثمار التراكمي في القطاع الصناعي الخليجي تجاوز الـ 220 مليار دولار حتى عام 2010، استثمرت في أكثر من 12 ألف منشأة صناعية تعمل في أنشطة صناعية مختلفة، ووفّرت ما يفوق المليون فرصة عمل تمثل ما يقارب الـ 6% من حجم العمالة بالسوق الخليجي، وحسب تقديرات المنظمة فإن حجم العمالة الخليجية في القطاع الصناعي يصل إلى حوالي 10 %.
ومن النتائج التي خلصت إليها الخارطة أيضاً أن "الصناعة الخليجية تتميز بالتركيز على الصناعات الصغيرة والمتوسطة والتي تشكل أكثر من 86 % من جملة المنشآت الصناعية في دول المجلس. غير أن معظم الاستثمارات الصناعية تتركز في الصناعات الكبيرة ممثلة بقطاع صناعات البتروكيماويات الأساسية حيث تمثل أكثر من 78 % من جملة الاستثمارات التراكمية في القطاع الصناعي الخليجي .
أما أهم القطاعات الإنتاجية الصناعية في دول مجلس التعاون وفق الخارطة فهما قطاعي صناعات البتروكيماويات الأساسية وصناعة المعادن الأساسية التي تشمل صناعتي الحديد والألومنيوم .كما يشكل إنتاج المواد البلاستكية الخام والأسمدة في قطاع الصناعات الكيماوية العمود الفقري للإنتاج الصناعي الخليجي، حيث تنتج ما يقارب 10 مليون طن سنوياً من المواد البلاستكية الخام تصدر 90 % منها للأسواق العالمية، خصوصاً أسواق شرق آسيا والهند. أما في مجال انتاج الأسمدة النيتروجينية كالأمونيا واليوريا فإن دول مجلس التعاون تعتبر من أهم المصدرين لمادة اليوريا للأسواق العالمية حيث تنتج ما يقارب 11 مليون طن سنوياً تصدر 90 % منها .
وقد احتل قطاع الصناعات المعدنية في دول المجلس موقع متقدم في الأسواق العالمية حيث تعتبر من كبار المصدرين لتلك الأسواق، وهناك العديد من المشروعات تحت التخطيط لرفع الطاقة الإنتاجية الخليجية من الألومنيوم والحديد، ورغم هذا التطور في الصناعات الأساسية الخليجية إلا أن فرص تعزيز النشاط الصناعي لا تزال متوفرة، وهناك العديد من فرص التكامل الصناعي بين مشروعات قائمة ومشروعات يمكن أن تقوم سواءً على مواد خام أولية أو نصف مصنعة متوفرة في دول المجلس أيضاً، وذلك اعتماداً على مخرجات الصناعات الأساسية القائمة مما يعزز الترابط الصناعي بين دول المجلس .
تحسن ملحوظ في مناخ البحث العلمي والتنافسية
وخلصت نتائج الخارطة الصناعية في مجال البنية الأساسية لتطوير الصناعة وتوطين الصناعات المعرفية إلى وجود تحسن ملحوظ في مناخ البحث العلمي وفي مراتب التنافسية العالمية لدول المجلس، وتفاوتت دول المجلس في تحسين مناخ البحث ومؤشرات التنافسية العالمية، حيث هناك مجموعتين الأولى أحرزت فيها كل من المملكة العربية السعودية ودولتي الإمارات العربية المتحدة وقطر تقدما ملحوظا، أما الثانية فبينت أن كل من دولة الكويت وسلطنه عُمان ومملكة البحرين تحتاج إلى بذل المزيد من الجهود .
كما كشفت الخارطة الصناعية عن تزايد عدد مراكز البحوث على نحو كبير في دول المجلس في الفترة من 2005 إلى2011 مقارنة بالعقدين السابقين .وتركزت مجالات البحث التطبيقي في البيئة 19% الطاقة 16%، تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات 13% والطب والصيدلة 11% والهندسة 9% . حيث تبوأت السعودية المركز الأول من حيث عدد مراكز البحوث والبحوث المنجزة عامة والبحوث الصناعية خاصة .كما شكلت البحوث الصناعية المنجزة في دول المجلس ما نسبته 41 % في الفترة بين عامي 2007 – 2009 من اجمالي البحوث .
وأشارت النتائج إلى أن عدد الشركات المسجلة في "برنامج المناولة والشراكة الصناعية" الموجود في منظمة الخليج للاستشارات الصناعية بلغ قرابة 1408 حتى نهاية شهر مايو 2010، يمثلون القطاعات الصناعية في مجال الكيماويات والبتروكيماويات والبلاستيك، والمطاط، والأعمال المعدنية وتشكيلها.
صناعات غائبة .. وأخرى مستقبلية واعدة
وكشفت الخارطة الصناعية عن العديد من الصناعات الغائبة وهي تلك التي تتوفر لها مدخلات انتاج ولم يتم انتاجها بعد في دول المجلس رغم الطلب المتزايد عليها، وكذلك الصناعات المستقبلية الواعدة وخصوصاً الصناعات المعرفية، والتي من أهمها صناعة المحفزات الكيماوية التي تعتبر ضمن الصناعات المعرفية إضافة إلى صناعة كيماويات الألومنيوم وصناعات تحلية ومعالجة المياه .والصناعات المعدنية حيث تتوفر فرص واعدة لتصنيع منتجات الحديد والألومنيوم. إضافة إلى الصناعات الغذائية فهناك فرص واعدة في مجال استخلاص زيوت الطعام للاستفادة منها بإنتاج الأعلاف، والتي يمكن من خلالها أن تتوسع دول المجلس في صناعة لحوم الدواجن لما لها زيادة في الطلب الخليجي، مع إمكانية الاستفادة من فرص التصدير. وأيضاً هناك صناعات المعادن الفلزية غير الحديدية وخصوصاً في مجال منتجات النحاس مثل السبائك، الشرائح والصفائح التي تدخل في العديد من الصناعات مثل صناعة السيارات والسفن وقطاعي البترول والطاقة.
كما كشفت الخارطة الصناعية عن وجود العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة، لذا فمن الضروري العمل على إعداد بيانات أولية عن هذه الفرص والترويج لها لدى القطاع الخاص في الدول الاعضاء للعمل على دراستها بصورة تفصيلية.
وقد حثت التوصيات التي خرجت بها الخارطة الصناعية، مراكز البحوث والتطوير في دول المجلس على إعطاء الأولوية في البحث والتطوير للقطاعات الصناعية المستهدفة وفقاً لما توصل إليه تقرير دراسة الخارطة الصناعية لدول المجلس.
ويمكن الاطلاع على النسخة المتكاملة من التقرير الرئيس للخارطة عبر الرابط الإلكتروني
http://www.goic.org.qa/FilesToDownload/GCC_Industrial_Map.pdf