جويك": أسواق الخليج تركز على الاستيراد.. والمطلوب تعزيز البحث والابتكار
كشفت "منظمة الخليج للاستشارات الصناعية" (جويك) أن صناعة الحواسيب والمنتجات الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي شهدت خلال السنوات الماضية تحسناً ملموساً، كما سجلت مساهمة بارزة من القطاع الخاص، لتلبية الطلب المتزايد على منتجاتها، فقد بلغ معدل النمو المركب للاستثمارات فيها نحو 4.8% سنوياً، خلال الفترة من عام 2011، إذ بلغ حوالي 395 مليون دولار أميركي، وارتفع إلى حوالي 476 مليون دولار في عام 2015، بالرغم من ذلك فإنها شكلت نسبة ضئيلة تساوي 0.12% فقط من جملة استثمارات القطاع الصناعي في دول المجلس للعام نفسه، والتي بلغت نحو .7393 مليار دولار، وهذا يدل على أن قطاع صناعة الحواسيب والمنتجات الإلكترونية من الصناعات الحديثة في القطاع الصناعي لدول المجلس، وتعتبر في أطوارها الأولى بالرغم من توفر السوق المحلية الضخمة لديها في دول الخليج.
وخلال السنوات القليلة السابقة كان التوجه العالمي متسارعاً لإنشاء وتحسين شبكات الاتصالات وتزايد عدد المستخدمين للهواتف النقالة، وأجهزة نقل المعلومات، وشبكة الإنترنت، مما ساهم بشكل كبير وواضح في زيادة الطلب على الحواسيب والمعدات الإلكترونية، كونها منتجات صناعية عالية التقنية، والتي تعد من الصناعات التقنية التي يقوم عليها الاقتصاد المعرفي، وتحتاج إلى التطور التكنولوجي والدراسات والأبحاث المتطورة لدعمها ومساندتها باستمرار.
وفي هذا الإطار اعتبر سعادة الأستاذ عبد العزيز بن حمد العقيل الأمين العام لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية أن "هذا ما جعل من المحتم على دول مجلس التعاون وضع خطط وسياسات وطنية لتعزيز بيئة تمكينية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تزيد من نمو استثمارات القطاع الخاص في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كصناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية، وتعزيز الاستثمارات المشتركة والتعاون البيني والإقليمي لإقامة مشاريع البحث والتطوير المتعلقة بهذه الصناعة، وتسخير الحواسيب والمعدات الإلكترونية لإدارة مختلف الأنشطة الاقتصادية والتجارية والإنتاجية والمالية والتسويقية وإدارة الموارد البشرية والأنشطة التعليمية والتدريبية، مما يجعلها أساساً لإستراتيجية تحقيق التنمية المستدامة لاقتصادات دول المجلس.
وتتصف صناعة الحواسيب والمنتجات الإلكترونية باتساع نطاق تطبيقاتها التي تشمل مختلف مجالات الحياة، ومكوناتها المتعددة التي تشمل على سبيل المثال: تقنيات إلكترونيات، والحواسيب، وأجهزة ومعدات الاتصال الإلكترونية، وصناعة البرمجيات، وأشباه المواصلات، ومعدات القياس والتحكم وغيرها.
السعودية في صدارة الاستثمارات
كشفت بيانات "جويك" عن تصدر المملكة العربية السعودية باقي دول مجلس التعاون من حيث حجم استثماراتها في صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية، إذ بلغت حوالي 376 مليون دولار عام 2015، أي ما يمثل حوالي ثلاثة أرباع إجمالي استثمارات دول المجلس في صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية، تلتها دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الثانية، حيث مثلت استثماراتها نسبة بلغت 14%.
|
|
أما من حيث عدد المصانع، فقد توزعت الاستثمارات في صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية عام 2015 على 75 مصنعاً من إجمالي عدد المصانع في القطاع الصناعي لدول مجلس التعاون، والبالغ إجمالي عددها 16,890 مصنعاً، أي ما نسبته 0.4 %، حيث نمت مصانع الحواسيب والمعدات الإلكترونية خلال الفترة من (2011 - 2015) بنسبة بلغت حوالي 9.6 % سنوياً. استحوذت السعودية على حوالي نصف إجمالي عدد المصانع في صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية لدول مجلس التعاون، مع 41 مصنعاً عام 2015، تلتها الإمارات بنسبة بلغت 21.3 % من إجمالي المصانع.
|
ساهمت صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية لدول الخليج في خلق 7,174 فرصة عمل في أسواق هذه الدول عام 2015، بما يشكل نسبة بلغت 0.4 % من إجمالي فرص العمل في القطاع الصناعي الخليجي، والبالغ عددها 8 162.ألف فرصة عمل.
ويتضح مما سبق أن السعودية والإمارات تمتلكان العديد من الاستثمارات في مجال الحواسيب والمعدات الإلكترونية، فيما لا تزال السوق مفتوحة أمام دولة قطر ومملكة البحرين، ودولة الكويت لمزيد من الاستثمارات في هذا المجال.
وسائل الإعلام المغناطيسية والبصرية في الطليعة
من حيث توزيع الاستثمارات على أنشطة قطاع صناعة الحواسيب والمنتجات الإلكترونية، فإن الجزء الأكبر من الاستثمارات كان من نصيب صناعة وسائل الإعلام المغناطيسية والبصرية، إذ بلغت نحو 132 مليون دولار وبنسبة 27.8 % من جملة استثمارات قطاع صناعة الحواسيب والمنتجات الإلكترونية في دول المجلس لعام 2015. وحلّت صناعة معدات الاتصالات في المرتبة الثانية باستثمارات بلغت 109 ملايين دولار، وبنسبة قدرها 22.9% من جملة الاستثمارات في هذا القطاع لجميع دول المجلس، بينما جاءت صناعة المنتجات الإلكترونية الاستهلاكية، وصناعة المكونات الإلكترونية في المراتب الأخيرة من حيث توزيع الاستثمارات.
أما من حيث استيعاب العاملين في أنشطة قطاع صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية، فقد احتلت صناعة معدات الاتصالات المرتبة الأولى، إذ بلغ عدد العاملين فيها 2,895 عاملاً، ما نسبته 40 % من إجمالي العاملين في قطاع صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية، تلتها في المرتبة الثانية صناعة وسائل الإعلام المغناطيسية والبصرية، حيث بلغ عدد العاملين فيها 1,669 عاملاً، بما يمثل 23%.
واقع التجارة الخارجية تعد السوق الخليجية سوقاً استهلاكية كبيرة جداً لمنتجات صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية، فقد تضاعفت الواردات منها في دول المجلس خلال الفترة (2007-2015)، وبلغ معدل النمو السنوي المركب لها نحو 12.5% ، حيث وصلت في عام 2015 جملة قيمة الواردات في دول المجلس نحو 37.5 مليار دولار، مقارنة بعام 2007 إذ كانت جملة قيمة الواردات 14.6 مليار دولار، بينما حققت الصادرات من منتجات صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية في دول المجلس خلال الفترة نفسها نمواً سنوياً مركباً بلغ نحو 32.5%، حيث بلغت قيمة إجمالي الصادرات عام 2007 حوالي مليوني دولار، وارتفعت إلى نحو 1.9 مليار دولار عام 2015، من ذلك يمكن الاستدلال على أن هناك طلباً كبيراً على هذه المنتجات في دول مجلس التعاون، وبالتالي توفر فرص استثمارية ضخمة في صناعة الحواسيب والمنتجات الإلكترونية فيها، ومن المتوقع أن يزداد حجم الطلب في المستقبل بزيادة عدد السكان، والتوسع في شبكات الاتصالات والهواتف، وارتفاع معدلات استخدام الإنترنت، والحواسيب. وبمقارنة قيمة إجمالي الواردات من منتجات صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية حسب دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2014، فإن الإمارات والسعودية قد جاءتا في الطليعة بنسب متقاربة على التوالي، إذ بلغت قيمة واردات الإمارات من المنتجات حوالي 113.9 مليار دولار، أي ما تمثل نسبته نحو 37.7% من إجمالي واردات دول مجلس التعاون الخليجي من منتجات صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية، تلتها السعودية حيث بلغت وارداتها نحو 13.86 مليار دولار، أي ما تشكل نسبته 37.6%، ثم عمان فبلغت نحو 4.2 مليار دولار، ما يمثل 11%. أما من حيث مقارنة قيمة إجمالي الصادرات من منتجات صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية حسب دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2014، فإن الإمارات كانت في الطليعة، حيث بلغت قيمة صادراتها من المنتجات حوالي ثلاث أرباع قيمة إجمالي صادرات دول المجلس من منتجات صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية، حيث بلغت 1.2 مليار دولار، تلتها البحرين في المرتبة الثانية حيث بلغت نحو 338.2 مليون دولار، أي ما يمثل 21.4%. لقد شكلت الأجهزة الخاصة بالهاتف والاتصال، وأجزاؤها ولوازمها مركز الصدارة في سلم واردات دول مجلس التعاون الخليجي من منتجات صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية في عام 2014، حيث بلغت قيمة الواردات منها نصف قيمة إجمالي واردات دول المجلس من منتجات صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية، بما قيمته حوالي 16.6 مليار دولار، أي ما تمثل نسبته 53% من الإجمالي، تلتها في المرتبة الثانية آلات كاتبة وحاسبة واستنساخ، أجزاؤها ولوازمها، وجاءت المسجلات وأقراص وأشرطة وأجزاؤها ولوازمها، صمامات وأنابيب وترانزستورات ودوائر إلكترونية، جاءت بنسب أقل.
أما فيما يخص صادرات دول المجلس من منتجات صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية، فقد أتت الأجهزة الخاصة بالهاتف والاتصال وأجزاؤها ولوازمها على رأس سلم الصادرات من منتجات صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية عام 2014، حيث بلغت قيمتها نحو 989 مليون دولار، بما يمثل نسبته 65% من إجمالي صادرات دول مجلس التعاون الخليجي من منتجات صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية، جاءت في المرتبة الثانية آلات كاتبة وحاسبة واستنساخ، أجزاؤها ولوازمها، حيث بلغت الصادرات منها نحو 327 مليون دولار، أي ما يمثل 22% من الإجمالي، وجاءت صمامات وأنابيب وترانزستورات والدوائر الإلكترونية، جاءت بنسب أقل.. ومما سبق يتبين أن هناك منتجات لصناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية يجب التركيز عليها والاهتمام بها، بزيادة هيكل الطاقات الإنتاجية، والتسويق الجيد لها، للعمل على تعزيز تنافسيتها وولوجها في الأسواق المحلية والعالمية.
|
التحديات والصعوبات
وأوضح الأمين العام للمنظمة أن هناك مجموعة من التحديات والصعوبات تواجه صناعة الحواسيب والمعدات الإلكترونية في دول مجلس التعاون، وهي ناتجة عن الفجوة المعرفية على مستوى كل مؤشرات الاقتصاد المعرفي وتتجلى في الآتي:
1- انخفاض نسبة الإنفاق على البحث والتطوير في دول المجلس مقارنة بالتجارب الناجحة في مجال الاستثمار المعرفي.
2- ضعف ثقافة البحث والتطوير والابتكار لدى الشركات الصناعية.
3- القوانين والتشريعات الحكومية الحالية لم تعط خصوصية لصناعة الحواسيب بشكل واسع من حيث الإعفاءات والمزايا، وبما يتناسب مع التوجهات الخليجية بالانتقال نحو اقتصاد المعرفة.
4- ندرة الأيدي العاملة المدربة الخليجية، حيث ما زالت سوق التقنية الخليجية تحتاج إلى الكثير من المبرمجين ومهندسي الحاسب الآلي ومصممي مواقع الإنترنت.
وعن التوجهات المستقبلية لهذه الصناعة في دول الخليج قال العقيل: "يتوقع أن يوفر الانتقال التدريجي من الاقتصاد التقليدي لاقتصاديات المعرفة طلباً متزايداً على الحواسيب الآلية وتقنيات المعلومات، هذا بالإضافة إلى تزايد الاهتمام ببناء الشراكات الإستراتيجية مع شركات عالمية رائدة، لاستقطاب مزيد من تقنيات صناعة الحواسيب وتوطينها، وفتح آفاق جديدة لتصدير منتجات الحواسيب للدول العربية والأسواق الإفريقية".
توصيات
وختم العقيل بالإشارة إلى أن المنظمة أوصت بتبني خطة عمل تبرز فيها بوضوح تام الأولويات وأبعاد العمل لجميع الجهات المعنية في مجال البحث والتطوير في كل دولة من دول المجلس، مع التركيز على عمليات البحث والتطوير في مجال الحاسب الآلي والصناعات الإلكترونية والأنشطة المرتبطة بهما، وبناء قاعدة قوية للبحث العلمي والتطوير التقني عن طريق الاستثمار طويل الأجل في توليد المعرفة، وتطوير صناعة الحواسيب والأجهزة الإلكترونية باستثمارات في القطاعين الحكومي والخاص. وإقامة شراكة فاعلة بين مراكز البحوث والجامعات العلمية، والقطاع الصناعي.
كما أوصت "جويك" بتوفير الموارد البشرية المؤهلة تأهيلاً عالياً من أجل تفعيل اقتصاد المعرفة، وزيادة الاهتمام بالمؤسسة التعليمية ومراكز التدريب، لتخريج العدد الكافي والمستمر من المتخصصين لتهيئتهم للعمل في مشاريع صناعة تقنية المعلومات والاتصالات، إلى جانب توفير التشريعات والبنى التحتية والمؤسسية من معامل ومختبرات علمية لمراكز البحوث المحلية، وإنشاء هيئة خليجية تتولى الإشراف على قطاع صناعة الحواسيب وتقنية المعلومات، واقتراح السياسات المناسبة في هذا المجال ومتابعة تنفيذها.
|